عندما مسكت القلم وهممت بالكتابة.. فجاة توقفت وهربت الكلمات والأحرف مني.لا ادري ما الذي ارهبها … الانني فكرت بان اكتب عن الانسان ؟ ام لانني أوشكت ان أبث هذه الورقة أحلامي؟ لا ادري! فإذا كانت الكلمات البريئة قد هربت خوفا من ان تخطئ فكيف الحال بالإنسان ؟ لماذا هذا الضياع والتيه الذي نعيشه؟ لماذا هذا الهوان وهذا الانكسار الذي نحياه؟ الاننا لم ننس الماضي ونستعين بالحاضر على بناء المستقبل؟ ألاننا نجامل ولا ننافق أصحاب الحل والعقد في زمن امتلا باشباه القادة وانصاف الرجال … زمن تغيرت فيه الموازين والقيم والأخلاق … زمن اصبح فيه الفار أسدا، والحارس لصا، والخائن قائدا وطنيا ..والجبن شجاعة والذل كرامة والجهل حكمة.. والجنون عقلا… والمسجد إسطبلا … والعدو حبيبا والجهاد خيانة والصدق كذبا والقذف تمجيدا…

….لم يعد العقل قادرا على التفكير ، كم حاولت ان اصرخ واصرخ .. ولكن حتى الصراخ يخاف ان يصدح في هذه الغرفة البسيطة. ولكن الى متى هذا الحال؟ ساقولها مدوية….

ارتجت جدران الغرفة.. ذهلت من الصدمة.. فهل جدران الغرفة ايضا تخشى السلطان؟

ولكن اوقف ذهولي انتباهي الى ان ارتجاج الغرفة ناتج عن طرقات على باب الغرفة… توجهت الى الباب لافتحه؛ فوجدته يهوي امامي وعليه ثلاثة من الرجال الذين اقتادوني قبل ان تخرج اية كلمة من فمي. رموني في سيارة عسكرية قذرة ، فارتطم راسي باسفل السيارة ، ورفعت راسي فوجدت نفسي ممدة على ظهري على ارض الغرفة بعد ان سقطت عن الكرسي وانا في غفوتي الهستيرية هذه.

ابتسمت وحمدت الله على ان كل ما مر معي مجرد كابوس، وما هي الا لحظات حتى طرق باب الغرفة . فتحته.. فوجدت اثنان قد وضعا في يداي القيود البلاستيكية. واقتاداني الى سيارة عسكرية… بعد ان اخبراني انني معتقل بتهمة امنية. وذلك لاني مجند من قبل دولة اجنبية لاهدم بافكاري المستوردة صروح الدولة الفتية… ولقد ذيلت ورقة الاتهام بتوقيع (جميل) مكتوب فيه:

"" … ينفذ بامر راعي الوطنية والديمقراطية …..""""