من الثابت عند المسلمين ان الانبياء ابراهيم واسحق وسارة ويعقوب عليهم السلام وزوجاتهم سارة ورفقة ولائقة وايليا على التوالي عليهم السلام مدفونون في مغارة ( المكفيلا) التي يقوم عليها الحرم الابراهيمي الشريف، وفي الحرم ايضا ضريح للنبي يوسف عليه السلام لكن البعض يقول انه قد دفن في منطقة نابلس ويرد عليهم اصحاب الراي الاول بانه دفن فعلا في نابلس بداية ثم نقل الى الخليل لاحقا، ليكون بجانب ابائه، وتذكر بعض الروايات ان ادم ونوحا وساما مدفونون ايضا في نفس المغارة.

وتشير احدى الروايات الى ان الرسول عليه السلام ، قد صلى في المكان ليلة الاسراء، حيث يروي ابن بطوطة نقلا عن كتاب علي بن جعفر الرازي الذي سماه (المسفر للقلوب) عن ابي هريرة انه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما اسري بي الى بيت المقدس مر بي جبريل على قبر ابراهيم، فقال : انزل فصل ركعتين، فان هنا قبر ابيك ابراهيم ثم مر بي على بيت لحم وقال: انزل فصل ركعتين فان هنا ولد اخوك عيسى ثم اتى بي الى الصخرة".

ويقول صلاح الزرو التميمي في مقالة حول الحرم الابراهيمي وبنائه:

اما بناء السور فاغلبه اسلامي مع خلاف حول بناء السور الذي هو اساس البناء حيث تتضارب الروايات، فبعضها ينسبه الى الجن بسبب الحجارة عظيمة الطول والحجم التي يتكون منها بناؤه، وبعضها ينسبه الى الملك (هيروديوس) حاكم الديار المقدسة قبل مولد عيسى عليه السلام، وبعض الروايات تذكر ان الملك النبي سليمان عليه السلام هو من قام ببناء السور الخارجي الذي يسمى (بالحير او الحصن) وذلك قبل حوالي 2800 عام . حيث يروى عن كعب الاحبار(كان يهوديا فاسلم) ان بناء (الحير) من قبل سليمان وان سليمان تنفيذا لامر الله: قدم ارض كنعان فطلب فلم يصب (أي لم يعرف المكان) ورجع الى بيت المقدس فاوحى اليه: (امض فانك ترى نورا من السماء الى الارض فهو موضع خليلي).

وهكذا بنى سليمان سورا مستطيلا طوله ثمانون ذراعا وعرضه اربعون وارتفاعه عشرون دون ان يجعل له بابا فقد كان البناء بقصد حفظ قبور من دفنوا فيه وقد بنى السور من حجارة كبيرة لا يفوقها في الضخامة سوى قلعة بعلبك واهلرام مصر ، الامر الذي كان يستهوي الزوار في مختلف العصور، وكانوا يرجعون فيتحدثون عن عظمة ما شاهدوه ، وهو ما كان يدفع بالعثمانيين احيانا من شدة حرصهم عليه الى عدم السماح لاحد الالمام ببنائه او تفحصة الا باذن خاص.

ولما حكم الرومان البلاد تاليا، اقاموا فوق السور السليماني كنيسة، وقد هدمها الفرس عند غارتهم على فلسطين وبنوا فوق السور مشهدا، ورمموا ما كان خرابا من اضرحة الانبياء، وكان الامويون اول من بادر الى بناء الجامع الذي لا يختلف في هندسته عن هندسة جامع امية في دمشق ولما جاء المهدي العباسي فتح بابا في سور سليمان يؤدي الى المشهد وامر ببناء القباب والاضرحة فوق قبور الانبياء، وكان ذلك سنة 775 ميلادية.

ويتابع التميمي: واتخذ المسجد بعدئذ للصلاة الجامعة وصلاة الجمعة وبقي الامر بعدئذ للصلاة وصلاة الجمعة وبقي الامر على هذا النحو حتى جاء الغزو الصليبي للمدينة سنة 1099 م، فهدم الصليبيون البناء الاسلامي واقاموا على انقاضه حصنا لفرسانهم وديرا لرهبانهم وكنيسة صغيرة على الطراز القوطي، فلما استر صلاح الدين الايوبي المدينة اسرع بعادة البناء مسجد اسلاميا وزاد في تكريمه واظهار اهميته بان نصب فيه منبر جامع عسقلان المصنوع عام 484هـ والذي ما زال موجودا في المسجد الى يومنا هذا.

ولقد قال الشاعر المصري جمال الدين بن مطروح اثناء زيارته للخليل عام 1885م برفقة الملك الصالح ايوب:

خليل الرحمن قد جئناك نرجو--------------- شفاعتك التي ليست ترد

انلنا دعوة واشفع تشفع ---------------- الى من لا يخيب لديه قصد

وقل رب اضياف ووفد ---------------- لهم بمحمد صلة وعهد

اتوا يستغفرونك من ذنوب --------------- عظام لا تعد ولا تحد

ولكن يضيق العفو عنهم ---------------- وكيف يضيق وهو لهم معد

وقد يالوا رضاك على لساني --------------- الهي، ما اخيب ، ولا ارد

 

اضغط هنا للعودة للخلف